رشحات فكري وقلمي

۳ مطلب با کلمه‌ی کلیدی «البکاء على الحسین» ثبت شده است

59ـ إنها نتاج مصائب العباس

إن ما سجّله أبناء مدرسة أهل البيت عليهم السلام على مرّ التاريخ ولا سيما في عصرنا الحاضر من صور المقاومة والشجاعة والغيرة ورفض الذّل أكثر وأروع بكثير من باقي الأمم على الرغم من شدّة العداء على الشيعة وكثرة التطاول عليهم. ما أكثرَ الشعوبَ المظلومة والمضطهدة التي استُعبدت وهتكت أعراضُها بل نُهبت نساؤها إماءً، أما الشيعة فتاريخهم لا يحكي عن مثل هذه المآسي إلا ما ندر. فلم تُستَبَح مدينةٌ شيعيّة كما استبيحت المدينةُ في واقعة الحرّة ولم يظفر الأعداء باستعباد رجال ونساء من الشيعة كما فعلوا ببعض الشعوب الأفريقيّة أو ما فعلت داعش بغير الشيعة.
ما الذي يملكه الشيعة ويفقده الآخرون؟! ولمن الفضل يا ترى؟! 
الفضل كله لأبي الفضل العباس عليه السلام! لقد بكينا نحن الشيعة جيلا بعد جيل على العباس لا حزنًا على مصابه فحسب، بل إعجابًا بحميّته وفخرًا بغيرته واعتزازًا بشجاعته وابتهاجًا بقامته واغتباطًا بهيبته أيضًا. بكينا على خيبة أمله في الدفاع عن بنات رسول الله أكثر من بكائنا على جراحه ومصرعه. لقد تجرّع العبّاس يوم عاشوراء لوعة خيبة الأمل في الذبّ عن حرم رسول الله، واللهُ وحده يعلم كيف تقطع قلبه حزنًا على سبيهم. إن بلاءً كهذا قدره الله لعبده الصالح يوم عاشوراء، فقد حال بينه وبين كلّ طموحه وأمانيه من المبارزة في الميدان بين يدي أخيه الحسين وسقي حرم رسول الله والحفاظ عليهن من السبي. إنها لصفقة مربحة بين المولى والعبد؛ سلبه كلّ شيء ليعطيه كلّ شيء. لقد أطلق الله يدي العباس ومكّنه من أن يدسّ في عروق كل من فُجِع بمصابه جُرَعًا من الغيرة والحمية والشجاعة ما حفظت بها أعراضنا على مرّ العصور وفي خضم عداء ألد أعداء الحق. نعم لم يعد العباس خائبًا في الحفاظ على أعراض شيعة أمير المؤمنين عليه السلام. 
ها قد تركت مصائب العباس أثرها في نفوسنا ولم يتجسد كل أثرها فينا بعد. المستقبل إن شاء الله زاهر ومشرق وسيخرج جيل من الشباب لهم هيبة في قلوب الأعداء وبهم سينصر الله مهدي هذه الأمة. إنهم نتاج مصائب العباس بل هديةٌ إلى المهديّ(عج) من عَمِّه.

 

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

58ـ شكرا للقرايات

إن قسمًا من قوّات الحشد الشعبيّ المبارك قد انطلقوا إلى ساحات القتال بشحنة حبّ الحسين عليه السلام ولم يخرّجهم إلّا مواكب المآتم والعزاء. ولذلك فإن لهذه المجالس فضلًا على حياتنا ووجودنا وأمننا وأعراضنا، لما ربّت من مجاهدين أبطال وشجعان جاهدوا دفاعا عن الدين والعزّ والكرامة. لا يشارك الشهيدَ في أجره والداه فحسب، بل كلّ من ساهم في تكوين بيئته التي نشأ وتربّى فيها شجاعًا وعزيزًا وثائرًا، شريك وله حصّته من أجره. فطوبى للشاعر الحسينيّ الذي كانت لأبياته دور في تربية جيل يأبى الظلم ولا قِبَل له بالذّل. وهنيئًا لكلّ صاحب موكبٍ جاهد بماله في سبيل سيّد الشهداء، فنشأ بعده شباب هان عليهم الجهاد بأنفسهم ورَخُصَت دون الحسين أرواحهم. وهنيئًا لكلّ أمّ غذّت طفلها بحبّ الحسين عليه السلام ليكون مستعدًّا لتقبّل كلّ معاني الخير ورافضًا بفطرته وروحه الحسينيّة كلّ أشكال الشرّ. وبارك الله في الخطيب الحسينيّ الذي قرأ على الناس كلمات أبي الأحرار عليه السلام، فترك بصمة أثره في نفوسٍ أبيّة لا تبايع الظالم وتجتنب الطاغوت.
 

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

16ـ کنز لا یدرى ثمنه

عندما یوجب الله سبحانه وتعالى عملا معینا أو یندب إلى أداء عمل خاص، عادة ما یکتفی بإعطاء الحکم وبیان شیء یسیر من فوائده وحسب. وکذلک الحال بالنسبة إلى أسلوب أهل البیت (علیهم السلام) فی الکلام عن العبادات والواجبات والمستحبات، إذ لا یکشفون آثار العمل وحقیقته تماما، بل یکتفون ببعض الإشارات لا أکثر.

أضرب مثالا؛ من المؤکد أن الله سبحانه وتعالى قد أعدّ مجموعة کبیرة من الأهداف السامیة للإنسان، ثم بدأ بتصمیم کیفیة الصلاة بحیث تأخذ بید الإنسان إلى تلک الأهداف، ولکن لم یکشف الله تلک الغایات بتمامها ولم یطلع الناس على تفاصیل العلاقة بین أعمال وأذکار الصلاة وتلک الغایات. نعم، لقد قال سبحانه: (وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَر) [العنکبوت: 45] ولکن تبقى التفاصیل مستورة لا یعلمها أحد. إذ لا یشرح سبحانه کیفیة تأثیر الصلاة على استئصال بعض الرذائل الأخلاقیة، أو کیفیة تأثیرها على ارتقاء أخلاق الإنسان، أو طریقة عملها على تکوین ملکة الورع والتقوى فی روح الإنسان، أو مدى تأثیرها على الرزق والصحة فی هذه الدنیا وما هی علاقتها على الأحوال الجویة والبیئیة ونزول الأمطار وغزارة الأنهار و  فیبدو أن الله أراد أن نعیش هذا الغموض أثناء عملنا بالإسلام، ولعل السبب هو أنه أراد أن یؤدی الإنسان هذه العبادات بدافع الطاعة والاعتماد على الله.

ومن أبرز مصادیق الأعمال العظیمة التی لا نستطیع أن نعرف آثارها جیدا، ولا ندری ماذا رتّب الله علیها من آثار، هو ذکر مصائب الحسین والبکاء على الحسین (علیه السلام). یفهم من بعض الروایات أن قضیة الحسین مشروع لحفظ الإسلام وإن مجالس الحسین وظاهرة العزاء والبکاء على الحسین إنما هی استمرار وامتداد لتلک الثورة التی فجرها الحسین بدمائه. إن الثواب الذی أعده الله سبحانه لأی عمل مرتبط بقضیة الحسین عجیب غریب. وکل هذا یشیر إلى أن إحیاء قضیة الحسین عمل عظیم لا تحصى أبعاده وآثاره وبرکاته.

إن هذه الرؤیة تزید الإنسان تواضعا فی مجالس الحسین کما تزیده بصیرة تجاه هذه المدرسة العظیمة. سوف یعلم بهذه الرؤیة أن موسم محرم وصفر لیس موسما لکسب الثواب فقط، بل هو مدرسة تعطی کل ما یحتاجه الإنسان فی مسیره نحو الله، من البصیرة والشجاعة والصبر والإیثار والعزم والعبادة والرحمة وجمیع مکارم الأخلاق. هذا هو أثر البکاء على الحسین (علیه السلام) على سبیل الإجمال، وأما تفصیل الأمر وحقیقته فهو سرّ لا یعلمه إلا الله.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري