رشحات فكري وقلمي

۲ مطلب با موضوع «النفاق» ثبت شده است

25ـ انظر إلى معانات المنافقین ثم فسر مواقفهم

لیس من الهین على المنافق أن یقطع کل الأواصر التی تربطه بالمجتمع الإسلامی. فهو یرى فی هذا المجتمع کلّ کیانه ووجوده ومستقبله، حتى وإن کان أکثر انسجاما مع أفکار أعداء الإسلام، ولکنه عادة ما لا یرى هناک أرضا خصبة لنشاطه الفکری والسیاسی بخلاف أرض الإسلام.

ومن جانب آخر إن أجواء المجتمع الإسلامی والتیار العام السائد فیه بعید کل البعد عن ما یصبو إلیه المنافق ویرمی إلیه، ولهذا فأکثر أحداث المجتمع الإسلامی تکدر صفو عیشه وتسلب منه اطمئنان قلبه وتربک فکره وتدعه فی حیرة من أمره. فیبقى حائرا لا یدری أیستمر فی مواقفه أم لعلّه ینفضح أمام المسلمین ولا یبقى له بعد اعتبار بینهم. فیستمر فی حیاته وحرکته الاجتماعیة والسیاسیة فی متاهات وظلامات. فتارة تجری ریاح الأحداث بما تشتهیه سفینته، ولکن ما هی إلا أیام قلائل وإذا بالریاح تأتی معاکسة لما یهواه فیشعر أن ضاقت علیه الأرض بما رحبت وقد اقترب من أیام فضیحته وموته السیاسی والاجتماعی.

کان یخاف المنافقون من نزول سورة تفضحهم (یحسبون کُلَّ صیحة علیهم)،[1] کما کانوا یخشون أن یشیر إلیهم النبی بأسمائهم، وبعد ذلک کانوا یخشون من ردّ فعل الإمام تجاههم وبعدها کانوا یخشون من اتخاذ موقف شدید من قبل زعیم الطائفة وأعلمها تجاههم وکذا الحال فی الجمهوریة الإسلامیة، فهم فی قلق من کل خطاب یلقیه السید القائد مخافة أن یستنکر علیهم بطریقة تنهی حیاتهم وتقضی على حرکتهم.   

إن المنافق یعیش خوفا دائما وحیرة لا انقطاع لها فی حیاته کالتائه الحیران المتورط فی مطر غزیر شدید فی لیلة ظلماء، فلا سبیل له للرجوع ولا حول له على مواصلة طریقه ولا ینیر دربه فی هذا الخضمّ إلا تلک الصاعقة المهولة التی وإن کانت تریه الطریق للحظة واحدة بید أنها تسلب منه ما تبقّى فی قلبه من رباطة وثبات؛ (أَوْ کَصَیِّبٍ مِنَ السَّماءِ فیهِ ظُلُماتٌ وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ یَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فی‏ آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَ اللَّهُ مُحیطٌ بِالْکافِرین‏)[2]

فتراه فی ظاهر أمره حریصا على مصیر الأمة، یرسل انتقاداته لهذا وذاک ویصرّح فی مختلف المجالات ویتخذ مواقفه المختلفة ویدّعی أنه لا یفکّر إلا فی صلاح الإسلام والمسلمین ولم یتخذ موقفا إلا وقد أحرز رضا الله فیه؛ (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُون‏)[3]، (لَیَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى).[4] ولکن کما قال الله سبحانه وتعالى فی القرآن کل هذا کذب وخداع. فهدف المنافق الأول والرئیس هو الخلاص والنجاة من خطر هذا المطر الغزیر ووحشة لیلته الظلماء. إن مواقف المنافقین برمّتها هی فی سبیل تعبید طریقهم وتوسیع نطاق مجالهم وإزالة الموانع أمام حرکتهم لیس إلا.  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] . المنافقون: 4.

[2] . البقرة: 19

[3] . البقرة:

[4]. التوبة: 107  

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

14ـ المنافقون عقلاء أکثر من اللازم

عندما ینظر المنافق إلى جمهور المؤمنین یرى أنهم آمنوا بالنبیّ بکل سهولة وبساطة، بلا أن یفکروا ویبحثوا بشکل کامل. إذ بمجرد أن یسمعوا کلام النبیّ أو یسمعوا آیات من القرآن أو یشاهدوا معجزة من النبی (صلى الله علیه وآله) أو یشاهدوا موقفا واحدا من أخلاق النبی یتأثرون کثیرا وتفیض أعینهم ویمتلئون حبا وإیمانا برسول الله ویسلمون ویؤمنون.

هکذا قد آمن المؤمنون وهو الواقع فعلا؛ حیث یبدو ـ والله العالم ـ أن الإیمان لا یحتاج إلى الاستدلال والبرهان العقلی بقدر حاجته إلى طهارة النفس وصفاء الروح، وإلا فیمکن الإشکال على أسلوب إیمان المؤمنین بسبب عدم إقامة البرهان العقلی على إیمانهم فی تلک اللحظة.

ولعل المنافقین کانوا یرددون أمثال هذه الشبهات ویصورون أنفسهم علماء وباحثین لا یقتنعون بشیء ولا یؤمنون به ما لم یقم علیه برهان وسلطان مبین. فإذا احتج علیهم أحد بإیمان جمهور المؤمنین، یقولون: نحن نرى کیف یؤمن أتباع هذا الرجل… إن إیمان هؤلاء نتیجة استماعهم لآیتین، أو حصیلة موقف واحد مع صاحب هذا الدین، أو بسبب جواب صحیح  واحد استلموه من النبی، فهل تطالبنا بأن نؤمن ونسلّم أنفسنا وأموالنا وعرضنا ودیننا وآخرتنا بهذا المنطق الضعیف ولا نبحث ولا نحقق فی الموضوع؟! (وَ إِذا قیلَ لَهُمْ آمِنُوا کَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ کَما آمَنَ السُّفَهاء) [البقرة: 13]

هذا هو موقف المنافقین على مرّ التاریخ تجاه الحق وقادة الحق، حیث یعتبرون المؤمنین وأتباع الحق سفهاء ویستهزؤون بسرعة إیمانهم وبساطتهم فی الإیمان واتباع نهج الحق، وکلما ناقشهم أحد وأرغمهم ببراهینه واستدلالاته، یقولون لا یمکن أن تنحل هذه المشکلة بهذه السهولة ونحتاج إلى مزید من البحث والتحقیق.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري