رشحات فكري وقلمي

۱۵ مطلب در اکتبر ۲۰۱۲ ثبت شده است

15ـ هذه هی مدرسة هولیود

إن هذا الجیل هو جیل الفضائیات ولعل کل واحد منّا قد رأى المئات من الأفلام والمسلسلات الغرامیة أو التی تتضمن على لقطات الغرام. فهذا الجیل شاء أم أبى قد تثقف بثقافة هذه المسلسلات والأفلام، والتی هی بمثابة السمّ لکیان الأسرة وسعادتها.

إن الرجل المثالی الذی تصوره هذه الأفلام هو الولد الشابّ الجمیل الذی لا یقلّ طوله عن 185س، ومواصفاته تنطبق على مواصفات عارضی الأزیاء، صوته جمیل، شعره جمیل، حرکاته جمیلة، وعندما یتکلم یبدع فی إظهار الحبّ والعشق بأسلوبه الرائع. وأما المرأة المثالیة التی تصورها هذه الأفلام الهولیودیة فهی التی قمة فی ظاهرها وفی کل شیء... 

ثم إذا أراد المخرجون أن یصوروا سعادة هذین الزوجین فیصوروهما فی أرقى المطاعم أو فی أجمل الحدائق والبساتین أو فی الساحل؛ فلا نجد لقطات السعادة فی البیت وأثناء یومیات حیاتهم الطبیعیة.

إن بیت هذین الشابیّن عادة ما یصوّر بیتا فخما نظیفا جدا، ولکن لا نرى لقطات اشتغال المرأة بتنظیف البیت وغسل الملابس والأوانی والطبخ؛ إذ لا یعرف المخرج الهولیودی أیة علاقة بین عمل المرأة فی المنزل وبین سعادتها. وقلیلا ما نجد لقطات عمل الرجل وکدّه لتحصیل المال من أجل زوجته وأسرته، إذ فی رؤیة المخرجین فی هولیود لیس هناک أی تناسب بین السعادة وبین الکدّ والعمل والتعب من أجل الزوجة والأهل

طبعا کل هذا بالنسبة إلى الأسرة السعیدة أو فترة سعادة الأسرة، وأما إذا أرادوا أن ینتجوا تراجیدیا أو فیلما هندیا فأول علامة شقاء الأسرة وعدم سعادتها هی أن تباشر المرأة بغسل الملابس ونشرها على الحبال فی الجوّ البارد، وابنها یبکی!!! والرجل یعمل من الصبح إلى المساء بعمل بسیط ثم یشتری بعض البضائع ویأتی بها إلى البیت...!!! ثم بعد ذلک یتناول المخرج مشاکل الأسرة فی إطار هذه الصور التعیسة برأیه!!! إذن أصبحت معالم الأسرة التعیسة هی أن الرجل یعمل من أجل عیاله والمرأة تخدم زوجها وأولادها ولهم ذریة وأولاد!!! وأما الأسرة السعیدة المثالیة فهی الأسرة العقیمة التی لا تنجب ذریة ولیس فیها من یخدم الآخر؛ إذ لا المرأة تخدم بعلها بالعمل فی البیت ولا الرجل یخدم زوجه من خلال العمل خارج البیت، فلیس شأنهما سوى الانتفاع والالتذاذ بالآخر وحسب!!! 

هذه هی الدروس التی تعطیها مدرسة هولیود. إذن لابد للمتخرج من هذه المدرسة، وهو الذی عکف على التلفاز یتابع المسلسلات واحدة تلو الأخرى، أن یکون أنانیا، فلا یقدم على الزواج من أجل خدمة زوجه، بل من أجل استمتاعه فحسب. وبالتالی فلا یرضى الشابّ بکل فتاة ولا ترضى الفتاة بکل شابّ، وإذا حصل الزواج فهو على شفا حفرة من نیران الطلاق.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

14ـ المنافقون عقلاء أکثر من اللازم

عندما ینظر المنافق إلى جمهور المؤمنین یرى أنهم آمنوا بالنبیّ بکل سهولة وبساطة، بلا أن یفکروا ویبحثوا بشکل کامل. إذ بمجرد أن یسمعوا کلام النبیّ أو یسمعوا آیات من القرآن أو یشاهدوا معجزة من النبی (صلى الله علیه وآله) أو یشاهدوا موقفا واحدا من أخلاق النبی یتأثرون کثیرا وتفیض أعینهم ویمتلئون حبا وإیمانا برسول الله ویسلمون ویؤمنون.

هکذا قد آمن المؤمنون وهو الواقع فعلا؛ حیث یبدو ـ والله العالم ـ أن الإیمان لا یحتاج إلى الاستدلال والبرهان العقلی بقدر حاجته إلى طهارة النفس وصفاء الروح، وإلا فیمکن الإشکال على أسلوب إیمان المؤمنین بسبب عدم إقامة البرهان العقلی على إیمانهم فی تلک اللحظة.

ولعل المنافقین کانوا یرددون أمثال هذه الشبهات ویصورون أنفسهم علماء وباحثین لا یقتنعون بشیء ولا یؤمنون به ما لم یقم علیه برهان وسلطان مبین. فإذا احتج علیهم أحد بإیمان جمهور المؤمنین، یقولون: نحن نرى کیف یؤمن أتباع هذا الرجل… إن إیمان هؤلاء نتیجة استماعهم لآیتین، أو حصیلة موقف واحد مع صاحب هذا الدین، أو بسبب جواب صحیح  واحد استلموه من النبی، فهل تطالبنا بأن نؤمن ونسلّم أنفسنا وأموالنا وعرضنا ودیننا وآخرتنا بهذا المنطق الضعیف ولا نبحث ولا نحقق فی الموضوع؟! (وَ إِذا قیلَ لَهُمْ آمِنُوا کَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ کَما آمَنَ السُّفَهاء) [البقرة: 13]

هذا هو موقف المنافقین على مرّ التاریخ تجاه الحق وقادة الحق، حیث یعتبرون المؤمنین وأتباع الحق سفهاء ویستهزؤون بسرعة إیمانهم وبساطتهم فی الإیمان واتباع نهج الحق، وکلما ناقشهم أحد وأرغمهم ببراهینه واستدلالاته، یقولون لا یمکن أن تنحل هذه المشکلة بهذه السهولة ونحتاج إلى مزید من البحث والتحقیق.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

13ـ الخوف والرجاء فی واقعة کربلاء

لیت کنا نستطیع أن نلتقی بقتلة الحسین (علیه السلام) من أهل الکوفة ونسألهم هل کنتم تحتملون أن تتورطوا بهذه الجریمة البشعة؟ من المؤکد أنهم لم یکونوا یتوقعون أن یسفّوا إلى هذا المستوى من الحضیض والانحطاط، وذلک لأن أهل الکوفة هم الذین أرسلوا عشرات الآلاف من الرسائل للإمام وأعدّوا أنفسهم لنصرته، وهم الذین سبقوا باقی الأقوام والشعوب فی الاستعداد لنصرة الحسین (علیه السلام) وهم الذین دعوا الإمام وراحوا ینتظرونه لیل نهار. هذا کان حال أهل الکوفة عندما انطلق الحسین (علیه السلام) لمواجهة یزید. فهل کانوا یتوقعون بأنهم سیؤدون الدور الرئیس فی جریمة قتل الحسین (علیه السلام)؟! بالتأکید کلا.

لا نرید أن ندخل فی تفاصیل الموضوع ونبحث فی أسباب هذا الحدث والانحطاط ولکن الحقیقة الواضحة التی قد تبلورت جلیا فی هذه الواقعة ولابد أن نجعلها نصب أعیننا هی أن مجال السقوط مفتوح إلى هذه الدرجة. ولعل هذه الحقیقة تمثل أهمّ عبرة من عبر معرکة کربلاء.

إن واقعة کربلاء تبیّن أنه یمکن لأمة لها سابقة فی الإیمان والإسلام أن تهوی وتسقط عن مکانتها وتصبح مثلا یضرب بها فی سوء العاقبة. کما یمکن ذلک للفرد أیضا فقد أشار القرآن الکریم إلى نماذج من الأفراد الذین ساءت عاقبتهم وأصبحوا مثلا لسوء العاقبة وعلى رأسهم إبلیس اللعین الذی حبطت أعماله بعد ستة آلاف سنة قضاها فی العبادة والإطاعة، فأحبط عمله الطویل وجهده الجهید عن کبر ساعة وأصبح رجیما ولعینا إلى أبد الآبدین. 

ومن جانب آخر إن واقعة کربلاء تمثل مشهدا تجلت فیه أروع صور الهدایة والتوبة وحسن العاقبة. إن قصصها وأحداثها خیر شاهد على غایة حلم الله وسعة رحمته. لقد أتم الحرّ وزهیر بن القین وغیرهم الحجة على کل المذنبین والمبتعدین عن درب الحقّ فی أن الله تواب رحیم وقد فتح مجال الارتقاء والتحلیق فی الدرجات العلیا لکل الناس، حتى لمن تورط بظلم الحسین (علیه السلام).

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

12ـ وجود الأعداء نعمة فلا تغفل عن شکرها

 

 

إن بعض المجتمعات و الشعوب محرومة من وجود الأعداء، أو لم یلفتوا نظر أعدائهم . ولکن نحن المسلمون و خاصة نحن أتباع أهل البیت (علیهم السلام) فنحظی بوجود عدو لدود حقود لا یغفل عنا و عن عدائنا طرفة عین.
أعداؤنا أي الحکومة الأمریکیة والبریطانیة و الکیان الغاصب الإسرائیلی، هم الآن تحملوا بدلا عنا أعباء دراسة شعوبنا واحصاء نقاط ضعفنا وقوتنا. هم الآن یدرسون دیننا وکتابنا ونظریاتنا وسیاسة قائدنا و... لکي یحصلوا على الطریقة والخطة المثلى للقضاء علینا.

فأصبح یعلم جیدا عناصر قوتنا، إذ هو الذي یتلقى الصفعات واللطمات على وجهه، فیعلم مصدرها ومنشأها جیدا.

فهم یخططون بهذه البصیرة والدقة العالیة للقضاء علینا ویحاولون أن یغذونا کما یشاؤون. ألا ینبغی أن نغتنم هذه الفرصة ونسمع کلامهم ونستفید منه جیدا؟

تقاریر الأعداء وکلامهم معنا وإرشاداتهم لنا، هی من أهم عوامل سعادتنا فی الدنیا والآخرة، ولکن یجب أن تترجم عکسا فقط.

فإذا رأیناهم یضربون على وتر القومیة والعروبة وبدأوا یروجون لهکذا أدبیات وألفاظ من قبیل الوطن العربی والفکر العربی والدول العربیة والمکتبة العربیة و البطیخ العربی والطماطا العربیة... وهم غربیون بعیدون کل البعد عن العروبة، فلابد أن نعلم بأنها خطة لإبعادنا عن الإسلام. فینبغی أن نبتعد من هذا الفکر الشیطانی.

وإذا رأیناهم یروجون فکرة فصل الدین عن السیاسة، یجب أن نعلم بأنها فکرة ونظریة من شأنها أن تقضی على الإسلام والمسلمین برمتهم. فلابد أن نترکها ونتوقاها و نجعل سیاستنا دیانة ودیانتنا سیاسة.

وعندما نرى إعلامهم یحاول أن یفرق بین المسلمین بشتى الوسائل وخاصة عن طریق النزاع الطائفی، یجب أن نعلم أنهم یعتبرون هذا النزاع بصلاحهم ویمکنهم ضرب الإسلام من خلاله.

وإذا شاهدنا فضائیاتهم تتکلم على إیران وحزب الله و تتهمهم بتهم کثیرة وتعتبرهم إرهابیین، یجب أن نعلم بأنهم یریدون إبعاد الشعوب عن إیران وحزب الله. فیصبح تکلیفنا بطبیعة الحال هو الدفاع والولاء لهما مهما شاهدنا من أخطاء وثغور.

وإذا رأیناهم یحاولون بشتى الوسائل أن یعطوا صورة مشوهة عن ولایة الفقیه وولی الفقیه، فلابد أن نعلم بأنها قد قصمت ظهرهم وهم یخافون جدا من إقبال المسلمین وتعرفهم على ولایة الفقیه.

وهکذا وبهذه الطریقة السهلة، یمکن أن نخطو خطواتنا نحو کمالنا وازدهارنا وأن نکسر العدو. وهذا کله بالاستفادة من تجاربهم وکلامهم وخبرتهم العریقة فی هذا المجال. ألا یصح أن نعتبرهم نعمة من نعم الله علینا التی لا تحصى؟

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

11ـ سعر الفتوة مقطوع بلا تخفیض

لقد انطوت قصص القرآن أو تاریخ الأنبیاء والأولیاء على قاسم مشترک وهو انقسام الأمم والناس إلى أهل الحق وأهل الباطل، وعادة ما یکون أهل الباطل هم الأکثریة الساحقة وأهل الحق ثلة قلیلة مضطهدة… ألیس کذلک؟

عندما نستذکر هذه القصص والمقاطع التاریخیة قد نحاول أحیانا أن نتصور أنفسنا فی ذلک الموقف لنرى إلى أیّ الفریقین کنا نمیل لو عشنا تلک الظروف وتلک الواقعة. فقد نسأل أنفسنا وهو نعم السؤال أن ما کنا نفعل لو کنا فی زمن أصحاب الکهف وتعرفنا علیهم قبل اعتزالهم وهجرتهم، وما کنا نعمل لو کنا فی زمن نوح (ع) ودعانا إلى رکوب السفینة. وما کان موقفنا لو عشنا فی زمن أحد الأنبیاء من عاد وثمود ولوط وشعیب وغیرهم إذ یدعون أقوامهم ولا یؤمن بهم إلا الأندر من الناس. وما کنا نفعل لو کنا حاضرین فی جلسة إنذار الأقربین ونرى أن رجلا یدّعی النبوة وأقبل یوصی بولایة ابن عمه ولم یؤمن به أحد من کبار القوم ووجهاء العشیرة بعد؟ وما لو کنا فی الکوفة إذ تخلى الناس عن مسلم وتفرّق الجمع من حوله وأصبح وحیدا غریبا بلا معین ونصیر والوالی قد استعمل أنواع القمع والتهدید لإرعاب الناس من نصرة الإمام الحسین؟…

والأهم من السؤال أسلوب الإجابة عنه. إذ تجد بعض الناس یواجه نفسه بهذه الأسئلة ولکنه بمجرد أن یرجع إلى نفسه ویجد حبّ الأنبیاء والأولیاء وأصحاب الحق فی قلبه، یأخذ راحته ویطمئن قلبه ویعتبر نفسه فی عداد سلمان وأبی ذر…! قد یکون منهم ولکن لیس هذا بالأسلوب الصحیح فی الإجابة.

یجب أن ندرس خصائص أهل الحق وصفاتهم لنکتشف السبب فی فلاحهم ودخولهم فی زمرة أهل الحق. یجب أن ندرس صفات أصحاب الکهف وأتباع الأنبیاء وأصحاب النبی وأمیر المؤمنین والإمام الحسین (علیهم السلام) وجمیع أصحاب الحق فی التاریخ لنرى ما هی الصفات والخصائص التی امتازوا بها عن باقی الناس ورفعتهم إلى هذا المقام، وهل نملک هذه الصفات والخصائص؟

یجب أن نرى لماذا رغب أکثر الناس عن الحق وما هی الصعاب والشدائد التی تواجه أهل الحقّ فی هذا الدرب.

فهل یستطیع من جعل همّه إرضاء الناس واتباع ما یسلکه الناس أن یصاحب فتیة أهل الکهف؟ وهل یمکن مصاحبتهم من دون التحرر عن التعلق بالأهل والأولاد؟ وهل یقدر من یخشى استهزاء الآخرین ویحسب لکلام الناس ألف حساب أن یرکب سفینة نوح مع أن القرآن یقول (وَ یَصْنَعُ الْفُلْکَ وَ کُلَّما مَرَّ عَلَیْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْه‏) [هود: 38] وهل یطیق اتباع حرکة الأنبیاء وقد استُهزئ بجمیعهم (یا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما یَأْتیهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ کانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُن‏) [یس: 30] وهل یمکن لمن لم یقلع جذور العصبیة القبلیة والعشائریة من قلبه أن یعشق أمیر المؤمنین ویتّبع نهجه وقد قتل أقربائه وإخوانه فی الحروب؟ وهل یستطیع من تعوّد التکبر على الشباب والصغار أن یخضع لولایة الأنبیاء والأوصیاء إن کانوا أصغر منه سنا؟ وکیف یتبع حجج الله ویخضع لولایتهم من ابتلى بحسد الأخیار وأصحاب الفضل والعلم؟…

فإن کان اتباع الأنبیاء وسلوک درب الحق بحاجة إلى التضحیات والمغامرات ولم یعتنق الحق إلا من تحلّى بصفات عالیة ونادرة، فلا یمکن اتباع هذا النهج فی هذا الیوم بالولائم والعزائم وحیاة الراحة والدعة. وإن کانت التضحیة بالمال والنفس والسمعة ثمن اتباع الحق فی زمن الأنبیاء، فلا یمکن أن یتغیر هذا السعر وینزل إلى مستوى الحضور بالمجالس والفواتح دون أی شیء آخر. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى‏ نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَریب‏) [البقرة: 214]

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

10ـ فلتمسوا نورا

لا شک فی أن سلوک درب الحق بحاجة إلى نور ولولاه لما أمکن للإنسان أن یخطو إلى الکمال. والنور الذی یحتاجه الإنسان هنا لیس نور المصباح أو الفانوس، بل هو نور الإیمان ونور البصیرة ونور الهدایة… وسوف تتجلى هذه الحاجة یوم القیامة إذ یشعر الإنسان یومئذ بالحاجة الماسّة إلى النور، ولکن غیر المؤمن محروم، باعتباره لم یشعل هذا النور فی حیاته الدنیویة، فیصبح مظلما هناک لا یهتدی إلى سبیل. ثم یضطر إلى أن یسأل المؤمنین شیئا من النور، ولکن لا یجد أحدا یعطف علیه بقبس؛ (یَوْمَ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذینَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِکُمْ قیلَ ارْجِعُوا وَراءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) [الحدید: 13] 
الإیمان الضعیف یحکی عن وجود نور ضعیف، والإیمان القویّ یدلّ على النور القویّ. وکلما ازداد نور الإنسان تزداد بصیرته فی کشف الحقائق، کشأن النور المادی والطبیعی الذی کلما یزداد قوة، یمکّن الإنسان من مشاهدة الأشیاء الأصغر والأبعد.
قد لا یمکن تشخیص مقدار نور الأشخاص فی الظروف العادیّة، ولکن عندما تأتی الفتن ویشتدّ الامتحان یتّضح صاحب النور عن غیره. فکل هذه المصائب من زلّة القدم والشکّ فی الحقّ والجهل بالتکلیف وعدم التمییز بین الحقّ والباطل وبین العدو والصدیق وغیرها من الزلات نتیجة عدم وجود النور الکافی فی قلب الإنسان. إذ هناک بعض الحقائق لا یمکن إدراکها إلا بهذا النور، فهی خفیّة عن الإنسان المظلم حتى ولو قرأ الصحف کلها واستمع إلى الفضائیات بأجمعها وختم کتب العالم من أولها إلى آخرها وحصّل على ستین شهادة علیا. لا یفید مولانا
وأما السبیل إلى ازدیاد النور فمفتوح، وهو أن تؤمن بالحق کلما واجهت أحد مصادیقه فی حیاتک. فحاول أن لا تنکر کلمة الحق أینما وجدت وکیفما کانت، یشتدّ نور قلبک لا محالة. وهذه حقیقة تقدمها لنا قصة فتیة أهل الکهف، إذ هکذا عرفهم الله فی بدایة القصة قائلا: (إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدىً) [الکهف: 13] فطوبى لمن جعل هدفه الرئیس توفیر النور بدلا عن تجمیع المال وتکویم المعلومات.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

9ـ تحمل ضریبة القلة

إن درب الحق والصواب طریق قد استصعبه أکثر الناس فلا یعرف قدره إلا القلیل منهم، ولهذا عندما تدخل فی هذا الطریق قد تجد نفسک وحیدا فریدا بلا صدیق.

وقد أکد القرآن على هذه الحقیقة فی آیات کثیرة. فعندما یأتی موضوع الشکر الذی له دور رئیس فی تاریخ الأمم ومصیر الإنسان، یقول القرآن: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَشْکُرُون‏) [البقرة: 243] وإن ذکر موضوع العلم بالحقائق الضروریة یخبرک بأن أکثر الناس لا یعلمون؛ (وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى‏ أَمْرِهِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُون‏) [یوسف: 21] (إِنِ الْحُکْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ ذلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُون) [یوسف: 40] وأما بالنسبة إلى الإیمان فیقول سبحانه: (وَ ما أَکْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنین‏) [یوسف: 103] ویقول: (وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فی‏ هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ فَأَبى‏ أَکْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ کُفُورا) [الإسراء: 89] إلى غیرها من عشرات الآیات التی تحکی عن هذه الحقیقة وهی أن أکثر الناس للحق کارهون.

فلا یکن دأبک اتباع الناس فی کل صغیرة وکبیرة وتقلیدهم فی کل شیء، ففی ذلک الخروج عن درب الحق (وَ إِنْ تُطِعْ أَکْثَرَ مَنْ فِی الْأَرْضِ یُضِلُّوکَ عَنْ سَبیلِ اللَّه‏) [الأنعام: 116]

ولابد من توطین النفس على تحمّل ضریبة القلّة وتعویدها على الوحدة من أجل أن لا تزلّ أقدامنا فی سبیل الله کما قال أمیر المؤمنین علیه السلام: "لا تستوحشوا فی طریق الهدى لقلة أهله" [نهج البلاغة: خ201]

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

8ـ کن أهل المغامرات أکن أهل المفاجآت

قد نشخص أحیانا أن مجتمعنا بات ینحرف عن القیم الإلهیة، أو أن هذا العرف السائد فی البلد من إنتاجات الشیطان وهذا السلوک المتفشی بین إخواننا وأقراننا مما لا یرضی الله… ولکن لا نجرأ على مخالفة العرف ولا نستطیع الانحیاز عن ما یهواه المجتمع إلى ما یرضاه الله وبالتالی نعجز عن اختیار الصواب وإن کنا قد عرفناه.

والسبب واضح، إذ یعتقد أکثر الناس بأنهم لو خالفوا العرف فی بعض المسائل، سوف یتهمون ویطردون ویستهزأ بهم وبالتالی سوف یفقدون کل اعتبارهم ومکانتهم فی المجتمع ویبقون وحیدین غریبین یعیشون حیاة الذل والشقاء… هذه رؤیة أکثر الناس.

أما إذا راجعنا القرآن، نجد أن الله قد وعد المؤمنین المتقین بالیسر وضمن لهم السعادة فی هذه الدنیا فضلا عن الآخرة حیث قال تعالى: (ِوَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجا) [الطلاق:2] و (وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ یُسْراً) [الطلاق:4] فإذا کان مقتضى التقوى مخالفة العرف وعدم اتباع سلوک الناس، فقد تکفل الله بعدم شقائک وتعاستک. ولکن المشکلة هی أن الله یعد الناس ولکن لا یشرح خطته فی التنفیذ، إذ أعدّ لکل إنسان ولکل قضیة خطة معینة، فیبقى الإنسان جاهلا بما سیفعله الله لحل الأزمة والمشکلة.

وهنا یتضح الفارق الرئیس بین المؤمن الحقیقی وغیره. حیث یحظى المؤمن بروح الاعتماد والثقة بالله، فیغامر ویؤدی تکلیفه حتى وإن استصعب نتائجه وفق المحاسبات المادیة، ثم یقف محتسبا لیشاهد الدور الإلهی فی إنهاء القصة لصالح عبده المؤمن رغما لکل الحسابات المادیة والدنیویة.

وقد تجلت هذه الحقیقة بکل وضوح فی قصة أصحاب الکهف، إذ کل الحسابات المادّیة تحکم على المتمرد الفارّ من المجتمع بالهلاک والنسیان، بید أن کاتب القصة ومخرج الفیلم قد شاء غیر ذلک وأراد أن یخرجهم من الأزمة. طبعا کان من الممکن له أن ینجی أصحاب الکهف بطریقة طبیعیة، فلماذا أنهى القصة من حیث لا یحتسب القارئ ولا الممثل؟! فلعله أراد أن یخاطب کل فرد منا ویقول لو کنت أهل المغامرات لتجدنی أهل المفاجآت.      
۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

7ـ الناس أتباع الناس

من المواصفات التی جعلت فتیة أهل الکهف فتیة ومیزتهم عن غیرهم هی أنهم استطاعوا أن یستقلوا عن المجتمع على مستوى أفکارهم وسلوکهم. وهذه الصفة تحتاج إلى شجاعة وإرادة لم یحصل علیها إلا الأندر من الناس. إذ تجد أکثر الناس وکأنهم مسلوبی الإرادة والاختیار أمام أهواء مجتمعهم وأفکاره ونزعاته.

نادرا ما تجد إنسانا یستطیع أن یجرد نفسه عن أبناء قومه ویفکر و یقرر من دون أن تفرض بیئته علیه قراراتها وأحکامها، فإن أکثر الناس هم أتباع الناس.

ولکن استطاع أصحاب الکهف أن یفکروا فی موضوع الإله والتوحید والمعبود بغض النظر عن أهواء الناس وعقائدهم سالکین منهج الاستقلال فی التفکیر والسلوک، وبالتالی خرجوا بنتیجة مخالفة للتیار العام فی مدینتهم. وهی عقیدة التوحید التی کانت غریبة ومرفوضة هناک والناس کلهم وثنیون وقد ألفوا عبادة آلهتم المختلقة.

العرف العام والرأی العام والإعلام کله کان یحترم الأصنام ولکنهم استطاع أصحاب الکهف أن یجردوا کل هذه الحبال والأغلال عن ذهنهم وینظروا إلى الأصنام بإمعان، فوجدوها لا تستحق العبادة والاحترام.

فأتحفهم الله بهدیة من عنده وأنار قلوبهم وبصیرتهم فأصبحوا یعیشون حیاة طیبة سریة معطرة بالإیمان بالله وعبادته وهم یشعرون أکبر لذة واغتباط بهذه التجربة الجدیدة.

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري

6ـ الفقه ثم السیاسة

سلام الله على أمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث کان یمشی فی الأسواق ویقول: الفقه ثم المتجر [النهایة للشیخ الطوسی: 371]

إن هذه الکلمة الرائعة وإن کانت فی شأن التجارة والمتجر ولکنها لیست خاصة بذلک. حیث إننا إذا أردنا أن ندخل فی أیة ساحة وشأن من شؤون الحیاة، یجب أن نتعلم فقه ذلک ونرى ماذا قال الإسلام فیه.

من جملة هذه الساحات هی ساحة العمل السیاسی. الدخول فی الساحة السیاسیة والتحرک السیاسی أیضا له فقه خاص وهناک حدود حددها الشرع لا یجوز أن یتعداها الإنسان المسلم.

فقد ذکر الإسلام الکثیر من الأصول المهمة فی العمل السیاسی. وعندما یذکرها ویثبتها فی القرآن یعنی أن هذه الأصول أصول ثابتة وخالدة.

فقد تکلم القرآن عن الکفار والأعداء فی عدة آیات. ومن الصفات التی یذکرها عنهم، هی أن عداء هؤلاء لنا عداء مطلق، إذ لا یتراجعون عن عدائهم لنا أبدا. هم لا یریدون أی خیر لنا (مَّا یَوَدُّ الَّذِینَ کَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِکِینَ أَن یُنَزَّلَ عَلَیْکُم مِّنْ خَیْرٍ مِّن رَّبِّکُمْ) [البقرة: 105] وکذلک یغتمون ویحزنون بکل حدث ینفعنا أو یسرنا، ویفرحون بکل سیئة تصیبنا (إِن تَمْسَسْکُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْکُمْ سَیِّئَةٌ یَفْرَحُواْ بِهَا) [آل عمران: 120] وما دمنا متمسکین بدیننا فهم أعداؤنا ویعادوننا لیلا ونهارا (وَلاَ یَزَالُونَ یُقَاتِلُونَکُمْ حَتَّىَ یَرُدُّوکُمْ عَن دِینِکُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ) [البقرة: 217]

هذه معلومات قیمة قد أسفر عنها القرآن عن خصائص الأعداء وشدة عدائهم للإسلام والمسلمین، ولکن مع الأسف الشدید ترى بعض الأشخاص یخوض فی عالم السیاسة فی مختلف ساحاته وکأنه غیر مسلم ولا یؤمن بکتاب اسمه القرآن.

فتجده یقول: "أمریکا دولة صدیقة" والآخر یقول: "عندنا مصالح مشترکة مع أمریکا" والآخر یصرح: "أمریکا ترید أن توفر الأمن فی المنطقة ولکن الصدامیون والتکفیریون یعارضونها" وفلان من الرجال یقول: "یجب أن تبقى أمریکا فی العراق لتحمینا عن الإرهابیین"...
فکل هذا الکلام على أحسن تقدیر ناتج من عدم الوعی الدینی فی موضوع "ماهیة أعداء المسلمین".

۰ تعداد التعليقات موافقين ۰ مخالفين ۰
مقدام باقر الحيدري