إن درب الحق والصواب طریق قد استصعبه أکثر الناس فلا یعرف قدره إلا القلیل منهم، ولهذا عندما تدخل فی هذا الطریق قد تجد نفسک وحیدا فریدا بلا صدیق.

وقد أکد القرآن على هذه الحقیقة فی آیات کثیرة. فعندما یأتی موضوع الشکر الذی له دور رئیس فی تاریخ الأمم ومصیر الإنسان، یقول القرآن: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَشْکُرُون‏) [البقرة: 243] وإن ذکر موضوع العلم بالحقائق الضروریة یخبرک بأن أکثر الناس لا یعلمون؛ (وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى‏ أَمْرِهِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُون‏) [یوسف: 21] (إِنِ الْحُکْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ ذلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُون) [یوسف: 40] وأما بالنسبة إلى الإیمان فیقول سبحانه: (وَ ما أَکْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنین‏) [یوسف: 103] ویقول: (وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فی‏ هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ فَأَبى‏ أَکْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ کُفُورا) [الإسراء: 89] إلى غیرها من عشرات الآیات التی تحکی عن هذه الحقیقة وهی أن أکثر الناس للحق کارهون.

فلا یکن دأبک اتباع الناس فی کل صغیرة وکبیرة وتقلیدهم فی کل شیء، ففی ذلک الخروج عن درب الحق (وَ إِنْ تُطِعْ أَکْثَرَ مَنْ فِی الْأَرْضِ یُضِلُّوکَ عَنْ سَبیلِ اللَّه‏) [الأنعام: 116]

ولابد من توطین النفس على تحمّل ضریبة القلّة وتعویدها على الوحدة من أجل أن لا تزلّ أقدامنا فی سبیل الله کما قال أمیر المؤمنین علیه السلام: "لا تستوحشوا فی طریق الهدى لقلة أهله" [نهج البلاغة: خ201]