من المواصفات التی جعلت فتیة أهل الکهف فتیة ومیزتهم عن غیرهم هی أنهم استطاعوا أن یستقلوا عن المجتمع على مستوى أفکارهم وسلوکهم. وهذه الصفة تحتاج إلى شجاعة وإرادة لم یحصل علیها إلا الأندر من الناس. إذ تجد أکثر الناس وکأنهم مسلوبی الإرادة والاختیار أمام أهواء مجتمعهم وأفکاره ونزعاته.

نادرا ما تجد إنسانا یستطیع أن یجرد نفسه عن أبناء قومه ویفکر و یقرر من دون أن تفرض بیئته علیه قراراتها وأحکامها، فإن أکثر الناس هم أتباع الناس.

ولکن استطاع أصحاب الکهف أن یفکروا فی موضوع الإله والتوحید والمعبود بغض النظر عن أهواء الناس وعقائدهم سالکین منهج الاستقلال فی التفکیر والسلوک، وبالتالی خرجوا بنتیجة مخالفة للتیار العام فی مدینتهم. وهی عقیدة التوحید التی کانت غریبة ومرفوضة هناک والناس کلهم وثنیون وقد ألفوا عبادة آلهتم المختلقة.

العرف العام والرأی العام والإعلام کله کان یحترم الأصنام ولکنهم استطاع أصحاب الکهف أن یجردوا کل هذه الحبال والأغلال عن ذهنهم وینظروا إلى الأصنام بإمعان، فوجدوها لا تستحق العبادة والاحترام.

فأتحفهم الله بهدیة من عنده وأنار قلوبهم وبصیرتهم فأصبحوا یعیشون حیاة طیبة سریة معطرة بالإیمان بالله وعبادته وهم یشعرون أکبر لذة واغتباط بهذه التجربة الجدیدة.