إن هذا الجیل هو جیل الفضائیات ولعل کل واحد منّا قد رأى المئات من الأفلام والمسلسلات الغرامیة أو التی تتضمن على لقطات الغرام. فهذا الجیل شاء أم أبى قد تثقف بثقافة هذه المسلسلات والأفلام، والتی هی بمثابة السمّ لکیان الأسرة وسعادتها.

إن الرجل المثالی الذی تصوره هذه الأفلام هو الولد الشابّ الجمیل الذی لا یقلّ طوله عن 185س، ومواصفاته تنطبق على مواصفات عارضی الأزیاء، صوته جمیل، شعره جمیل، حرکاته جمیلة، وعندما یتکلم یبدع فی إظهار الحبّ والعشق بأسلوبه الرائع. وأما المرأة المثالیة التی تصورها هذه الأفلام الهولیودیة فهی التی قمة فی ظاهرها وفی کل شیء... 

ثم إذا أراد المخرجون أن یصوروا سعادة هذین الزوجین فیصوروهما فی أرقى المطاعم أو فی أجمل الحدائق والبساتین أو فی الساحل؛ فلا نجد لقطات السعادة فی البیت وأثناء یومیات حیاتهم الطبیعیة.

إن بیت هذین الشابیّن عادة ما یصوّر بیتا فخما نظیفا جدا، ولکن لا نرى لقطات اشتغال المرأة بتنظیف البیت وغسل الملابس والأوانی والطبخ؛ إذ لا یعرف المخرج الهولیودی أیة علاقة بین عمل المرأة فی المنزل وبین سعادتها. وقلیلا ما نجد لقطات عمل الرجل وکدّه لتحصیل المال من أجل زوجته وأسرته، إذ فی رؤیة المخرجین فی هولیود لیس هناک أی تناسب بین السعادة وبین الکدّ والعمل والتعب من أجل الزوجة والأهل

طبعا کل هذا بالنسبة إلى الأسرة السعیدة أو فترة سعادة الأسرة، وأما إذا أرادوا أن ینتجوا تراجیدیا أو فیلما هندیا فأول علامة شقاء الأسرة وعدم سعادتها هی أن تباشر المرأة بغسل الملابس ونشرها على الحبال فی الجوّ البارد، وابنها یبکی!!! والرجل یعمل من الصبح إلى المساء بعمل بسیط ثم یشتری بعض البضائع ویأتی بها إلى البیت...!!! ثم بعد ذلک یتناول المخرج مشاکل الأسرة فی إطار هذه الصور التعیسة برأیه!!! إذن أصبحت معالم الأسرة التعیسة هی أن الرجل یعمل من أجل عیاله والمرأة تخدم زوجها وأولادها ولهم ذریة وأولاد!!! وأما الأسرة السعیدة المثالیة فهی الأسرة العقیمة التی لا تنجب ذریة ولیس فیها من یخدم الآخر؛ إذ لا المرأة تخدم بعلها بالعمل فی البیت ولا الرجل یخدم زوجه من خلال العمل خارج البیت، فلیس شأنهما سوى الانتفاع والالتذاذ بالآخر وحسب!!! 

هذه هی الدروس التی تعطیها مدرسة هولیود. إذن لابد للمتخرج من هذه المدرسة، وهو الذی عکف على التلفاز یتابع المسلسلات واحدة تلو الأخرى، أن یکون أنانیا، فلا یقدم على الزواج من أجل خدمة زوجه، بل من أجل استمتاعه فحسب. وبالتالی فلا یرضى الشابّ بکل فتاة ولا ترضى الفتاة بکل شابّ، وإذا حصل الزواج فهو على شفا حفرة من نیران الطلاق.