مما یطمح إلیه جمیع الناس وخاصة الشباب، هو أن یتمتّعوا بحیاة جمیلة وسعیدة فی هذه الدنیا. حیث قد نستطیع أن نفسّر کل أفعال الناس وأنشطتهم کمحاولات لتکثیر حلاوة الحیاة والتقلیل من مرارتها. کما عندما نکشف نحن الشباب عما فی ضمیرنا من آمال وطموح، فی الواقع نتکلم عن تصورنا ورؤیتنا عن الحیاة السعیدة والجمیلة.

عندما یقتدی شابّ بأحد الفنانین الغربیین، فإنه فی الواقع قد اعتبره سعیدا فی حیاته الدنیویة فأراد أن یقترب منه لیحصل على شیء من سعادته. وکذلک من اقتدى بشخصیة علمیة أو ریاضیة أو غیرها فإنه یرى حیاة قدوته حیاة جمیلة وسعیدة.

کما أن الصراع الموجود بین الحضارات یکمن فی أن کل حضارة تدّعی بأنها هی الأجدر على إسعاد الناس فی الحیاة الدنیویة دون غیرها. وإن الأفلام والمسلسلات التی تنتجها هذه الحضارات إنما هی دعایات لمختلف أسالیب الحیاة، حیث تحاول کل حضارة أن تبرز حلاوة أسلوبها فی الحیاة وتخفی العیوب والتعاسة التی لا تنفک عن حیاتها.

لا شک فی أن الإنسان ولاسیما الشابّ مثالی الطموح، فمن الصعب جدا أو من المستحیل أن تقنعه على کفّ الید عن سعادة الدنیا والاکتفاء بسعادة الآخرة. إذ یطلب الإنسان سعادته أینما کان، ولا یرضى بتعاسة إحدى الدارین، فإذا نرى بعض الشباب قد رغبوا عن الدین وباتوا یرتکبون الذنوب والمعاصی، فذلک بسبب أنهم شعروا بوجود تعارض بین الدّین وسعادة الإنسان فی الدنیا، أو شعروا بحلاوة الحیاة الغربیة المتحررة عن قیود الدین، فلجئوا إلیها.

ومن جانب آخر إن کثیرا من الذین یتحدثون باسم الدین ویدعون الناس والشباب إلى الالتزام بالدین یدعوهم إلى التضحیة بسعادة الدنیا من أجل سعادة الآخرة. فیقف الشابّ حائرا لا یدری ماذا یختار مع أن الله لم یدع فی وجوده طاقة تحمّل التعاسة حتى للحظة واحدة.

نحن بحاجة إلى إعادة النظر فی رؤیتنا عن الدین لنرى هل أراد الدین منّا أن نضحی بسعادة الدنیا، وهل نتیجة الالتزام بالدین هی مرارة الحیاة الدنیویة وتعاستها لتکون الحیاة الإلحادیة أجمل وأهنأ لولا وجود الآخرة، أم لا؟

هنا نجیب عن السؤال بجملة واحدة ونوکل البحث والنقاش إلى المواضیع القادمة إن شاء الله، وهو أن الإسلام جاء لتحقیق سعادتنا فی الدنیا والآخرة معا، ومن هذا المنطلق لم ولن یأمرنا الدین بأمر وعمل یؤدی إلى تعاسة حیاتنا الدنیویة أبدا.