من خلال مجمل الروایات یبدو أن هناک قانون رائع یتحکم فی حیاة الإنسان وهو أنّه لابدّ لکلّ إنسان أن یتحمّل بعض المشاکل ویعانی من بعض المعاناة فلا مناص ولا مفرّ من المشاکل والمتاعب والآلام المقدّرة له مهما حاول أن یفلت منها. فکأن هناک رصید من المتاعب والمصاعب والمحن قد قدّر لکلّ إنسان بقدر محدّد ولن یغادر الدنیا إلا بعد أن یصرف هذا الرصید کلّه ویتجرّع نصیبه من المشاکل بتمامه وکماله. فإنه منذ نشوئه وترعرعه غرض الأسقام ورهینة الأیام وحلیف الهموم وقرین الأحزان ونصب الآفات کما جاء فی وصیة أمیر المؤمنین لولده الحسن علیهما السلام.

ثم إنّ قسما من هذه المصاعب والمتاعب التی لا مهرب منها ولا مناص، هی ما یواجهه الإنسان فی درب العبادة والجهاد ولزوم الحقّ، فإنه إن أراد التملّص ممّا یفرض علیه هذا الطریق من سَهَر وتعب وجوع وعطش وإنفاق وتضحیات وفرّ منها حرصا على دنیاه وخشیة على راحته، سوف یُبتلى ویتورّط بکلّ ما أراد الفرار منه فی غیر طریق الهدى والحقّ فیتجرع کل هذه المشاکل دون أی أجر ومثوبة، بل قد تصحبها آثام وذنوب تخرّب آخرته وعقباه.

لقد روی عن الإمام موسى الکاظم علیه السلام: «إِیَّاکَ أَنْ تَمْنَعَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ فَتُنْفِقَ مِثْلَیْهِ فِی مَعْصِیَةِ اللَّه‏» [تحف العقول، ص408] وکذلک روی عن الإمام الصادق(ع): «أَنْفِقْ وَ أَیْقِنْ بِالْخَلَفِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ لَمْ یُنْفِقْ فِی طَاعَةِ اللَّهِ ابْتُلِیَ بِأَنْ یُنْفِقَ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ لَمْ یَمْشِ فِی حَاجَةِ وَلِیِّ اللَّهِ ابْتُلِیَ بِأَنْ یَمْشِیَ فِی حَاجَةِ عَدُوِّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَل‏»[من لا یحضره الفقیه، ج4، ص412].