لا يُدرى من بين الملايين من خدّام الأربعين وزوّاره أيهم أوفر حظّا وأعظم أجرا؟! ومَن السبّاق في ماراثون الأربعين؟ إن قواعد الحساب لدى الله تضرب بقواعد الرياضيات عرض الجدار، فليس من اليسير بل من المستحيل أن نعرف خير زائر وأفضل خادم من بين هذه الجماهير المليونية. فلعلّ الأم أو الزوجة التي تعدّ حقيبة زوجها أو ابنها لتودّعه إلى الزيارة بلوعة الشوق واللهفة إلى قبر الحسين(ع)، دون أن تجد إلى الزيارة من سبيل، هي لا تقلّ أجرا ممّن أرسلته وودّعته بعين مغرورقة بدمع الحسرة والغبطة. ولعلّ خطواتها في توديع ابنها أو زوجها تعدّ من تلك الخطوات التي تُقَيَّم بالحجّات والعمرات! ولعلّ ذاك الزائر الذي يشدّ رحاله وينطلق إلى حدود العراق ثمّ لا يجد أبوابها مفتوحة ولا يجد وسائل النقل موفّرة فيرجع خائبا منكسرا بعد ما انقطعت به السبل، هو لا يقل أجرا من الزائر الذي تهيّأت له الأسباب وزار الحسين(ع) واقفا على الأعتاب. وما يدريك فلعل العمل الذي لا يحسب بين الناس بشيء ولا يُعَدّ في قائمة مفاخر صاحبه هو أزكى عند الله وأبقى. ليتنا نعرف من أي يد سيتقبّل الإمام المهدي(عج) كأس ماء في طريق الأربعين وأي دعوة سيستجيبها. فلعلّ تلك اليد لا تملك سوى طبق فيه عدة كوؤس من ماء وحسب! وليتنا نعرف في أي موكب سينزل الإمام ويَطعَم، فلعلّ ذاك المنزل لا يُحسب حسب معاييرنا بموكب أصلا ولا يطمع زائر في النزول عنده والأكل منه. لقد سبق السبّاقون بنواياهم الخالصة وآمالهم الراقية فبلغوا بذلك ما لم يبلغه أهل المفاخر والتكاثر!