إن من أولى مظاهر حب الدنیا وحب النفس التی یواجهها الإنسان والتی هی حجر عثرة أمامه فی مسار حرکته فی درب الحق، هو حبّ الراحة. إن حب الراحة یجعل الإنسان یتعاجز عن العبادة ولا سیما صلاة اللیل ویجعله یتعاجز عن أداء مختلف تکالیفه الفردیة والاجتماعیة. ولکنه إذا دخل هذا الإنسان فی أجواء صعبة متعبة وفی نفس الوقت کانت هذه الأجواء ممتعة له، عند ذلک تکون هذه الأجواء أفضل فرصة لهذا الإنسان فی سبیل استئصال جذور حب الراحة من قلبه. وجبهة القتال هی تلک الفرصة الثمینة والنادرة التی تحبب التعب والعناء للإنسان وتبغّض له الراحة والدعة. ولهذا کان بعض الشباب فی أیام الدفاع المقدس عندما یرجعون من الجبهة إلى بیتهم، کانوا لا ینامون على فراشهم بل ینامون على الموکیت! ولم یفعلوا ذلک طمعا بالثواب، ولا مواساة مع إخوته المجاهدین، بل بدأ یشعر باحتصار وضیق فی قلبه إذا نام نومة مریحة، بعد ما أنس بالتعب والعناء فی أجواء الجبهة. فأراد أن لا یبعد عن نفسه العناء فی إیام إجازته وتواجده فی المدینة.

هذه قیمة أجوائک التی تعیشها وبالتأکید إنک تعرف قدرها. واعلم أن مئات الآلاف من الشباب الذین لا سبیل لهم إلى هذا التوفیق یغبطونک وینظرون إلیک بحسرات وآهات فلا تنسهم من الدعاء وأشرکهم فی عملک العظیم.