عندما ینظر المنافق إلى جمهور المؤمنین یرى أنهم آمنوا بالنبیّ بکل سهولة وبساطة، بلا أن یفکروا ویبحثوا بشکل کامل. إذ بمجرد أن یسمعوا کلام النبیّ أو یسمعوا آیات من القرآن أو یشاهدوا معجزة من النبی (صلى الله علیه وآله) أو یشاهدوا موقفا واحدا من أخلاق النبی یتأثرون کثیرا وتفیض أعینهم ویمتلئون حبا وإیمانا برسول الله ویسلمون ویؤمنون.

هکذا قد آمن المؤمنون وهو الواقع فعلا؛ حیث یبدو ـ والله العالم ـ أن الإیمان لا یحتاج إلى الاستدلال والبرهان العقلی بقدر حاجته إلى طهارة النفس وصفاء الروح، وإلا فیمکن الإشکال على أسلوب إیمان المؤمنین بسبب عدم إقامة البرهان العقلی على إیمانهم فی تلک اللحظة.

ولعل المنافقین کانوا یرددون أمثال هذه الشبهات ویصورون أنفسهم علماء وباحثین لا یقتنعون بشیء ولا یؤمنون به ما لم یقم علیه برهان وسلطان مبین. فإذا احتج علیهم أحد بإیمان جمهور المؤمنین، یقولون: نحن نرى کیف یؤمن أتباع هذا الرجل… إن إیمان هؤلاء نتیجة استماعهم لآیتین، أو حصیلة موقف واحد مع صاحب هذا الدین، أو بسبب جواب صحیح  واحد استلموه من النبی، فهل تطالبنا بأن نؤمن ونسلّم أنفسنا وأموالنا وعرضنا ودیننا وآخرتنا بهذا المنطق الضعیف ولا نبحث ولا نحقق فی الموضوع؟! (وَ إِذا قیلَ لَهُمْ آمِنُوا کَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ کَما آمَنَ السُّفَهاء) [البقرة: 13]

هذا هو موقف المنافقین على مرّ التاریخ تجاه الحق وقادة الحق، حیث یعتبرون المؤمنین وأتباع الحق سفهاء ویستهزؤون بسرعة إیمانهم وبساطتهم فی الإیمان واتباع نهج الحق، وکلما ناقشهم أحد وأرغمهم ببراهینه واستدلالاته، یقولون لا یمکن أن تنحل هذه المشکلة بهذه السهولة ونحتاج إلى مزید من البحث والتحقیق.